عدد ركعات صلاة التهجد في رمضان
مقدمة
تُعتبر صلاة التهجد من أسمى العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى، وهي من السنن التي يُستحب الإكثار منها في شهر رمضان المبارك. إن صلاة التهجد هي من الصلوات النافلة التي تؤدى في الليل، وهي تعد من أبرز العبادات التي يُحث المسلمون على أدائها في هذا الشهر الفضيل لما فيها من روحانية عظيمة وأثر كبير في تقوية العلاقة مع الله سبحانه وتعالى. يتساءل الكثير من المسلمين عن عدد ركعات صلاة التهجد في رمضان وكيفية أدائها، ومدى فضل هذه الصلاة في هذا الشهر الكريم. في هذا المقال سنتناول كل ما يتعلق بصلاة التهجد، من تعريفها وأهميتها وعدد ركعاتها ووقت أدائها، بالإضافة إلى الإجابة على بعض الأسئلة الشائعة حول هذه العبادة العظيمة.
تعريف صلاة التهجد
صلاة التهجد هي صلاة نافلة يؤديها المسلم في الليل، ويُستحب الإكثار منها خاصة في الشهر الفضيل، رمضان. اسم “التهجد” مشتق من “الهُجود”، أي النوم، فالتَّهجد يعني الاستيقاظ بعد النوم لأداء الصلاة. تختلف صلاة التهجد عن صلاة القيام في أنها تُؤدى في وقت الليل، ولهذا يكثر أداؤها بعد صلاة العشاء حتى قبيل الفجر، وتعتبر هذه الصلاة من الوسائل التي تقرب العبد إلى الله تعالى في وقت السكون والهدوء، بعيدًا عن شهوات الدنيا وملذاتها.
أهمية صلاة التهجد في رمضان
تكتسب صلاة التهجد في رمضان أهمية خاصة، حيث أنها تتوافق مع أجواء الشهر الفضيل الذي يتسم بالسكينة والروحانية، ويشجع المسلم على الاستغفار والتقرب إلى الله. ففي هذا الشهر، يستجاب الدعاء وتتضاعف الحسنات، ويحرص المسلمون على التوبة والرجوع إلى الله، ولعل صلاة التهجد تكون الوسيلة المثالية لذلك.
وقد ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ما يُظهر فضل صلاة التهجد، فقد قال صلى الله عليه وسلم: “من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه” (متفق عليه). ويعد هذا الحديث دليلاً على أهمية قيام الليل، الذي يتضمن صلاة التهجد بشكل خاص.
عدد ركعات صلاة التهجد في رمضان
يتساءل الكثيرون عن عدد ركعات صلاة التهجد التي يمكن أداؤها في رمضان، والجواب هو أنه لا يوجد عدد محدد من الركعات لصلاة التهجد، بل يترك الأمر للمرء حسب قدرته ورغبته في العبادة.
-
العدد المعتاد: يمكن للمسلم أن يؤدي صلاة التهجد بأية عدد من الركعات، ويُستحب أن تكون ركعاتها فردية أي أن تصلى كل ركعتين مع التسليم، كما يمكن أن يؤديها المسلم من 2 إلى 12 ركعة، ويعتمد العدد على القدرة الشخصية للمسلم ومدى اجتهاده.
-
العدد الأكثر شيوعًا: من السنة أن يصلي المسلم في رمضان على الأقل 11 أو 13 ركعة في صلاة التهجد، ففي حديث السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة” (رواه مسلم).
كيفية أداء صلاة التهجد
تُؤدى صلاة التهجد كما تُؤدى أي صلاة نافلة، ولكن هناك بعض النقاط الخاصة التي يجب مراعاتها أثناء أداء هذه الصلاة، خاصة في رمضان:
-
النية: من أهم شروط صلاة التهجد هي النية، حيث يجب على المسلم أن يحدد نية الصلاة من قلبه، سواء كان يؤدي صلاة التهجد رغبة في التقرب إلى الله أو لتكفير الذنوب أو لتحصيل المغفرة والرحمة.
-
عدد الركعات: يمكن أن يؤدي المسلم صلاة التهجد بعد صلاة العشاء أو أي وقت في الليل حتى قبيل الفجر.
-
القيام بخشوع: يجب أن يتم أداء صلاة التهجد بخشوع وتدبر، بحيث يكون المسلم في حالة من التواضع والتقوى، ويتدبر معاني الآيات القرآنية التي يقرأها في الصلاة.
-
الركعات الفردية: يفضل أن تصلى صلاة التهجد بركعتين ركعتين كما جاء في الحديث النبوي: “صلاة الليل مثنى مثنى” (رواه البخاري). يمكن أن يطيل المسلم في الركعة الأولى بقراءة طويلة، وأما في الثانية فيمكن أن تكون أخف.
-
الدعاء: يُستحب أن يختم المسلم صلاة التهجد بدعاء، سواء في السجود أو بعد التسليم، فقد ورد في الحديث: “أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له” (رواه الترمذي). وهذا الدعاء يُستحب تكراره في صلاة التهجد.
وقت صلاة التهجد
يجب أن يؤدي المسلم صلاة التهجد في وقت الليل، ولكن يفضل أن يكون في الثلث الأخير من الليل، حيث يكون هذا الوقت أفضل وقت للاستجابة. في حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له” (رواه البخاري ومسلم).
أما في رمضان، فإن المسلم يحظى بفرصة أكبر للاستفادة من هذه الأوقات المباركة، إذ تكون الأجواء الروحانية في هذا الشهر أكثر كثافة، مما يجعل أداء صلاة التهجد في رمضان أضعاف ما هو في غيره من الشهور.
فضل صلاة التهجد في رمضان
صلاة التهجد لها العديد من الفوائد الروحية والجسدية، خاصة في شهر رمضان المبارك. تتجلى بعض هذه الفوائد في النقاط التالية:
-
تقوية العلاقة مع الله: تعد صلاة التهجد من أقوى وسائل التقرب إلى الله تعالى، حيث يتم التفرغ الكامل لعبادته بعيدًا عن مشاغل الدنيا.
-
غفران الذنوب: في صلاة التهجد فرصة عظيمة للعباد للتوبة والاستغفار من الذنوب التي ارتكبوها، خاصة في شهر رمضان الذي تتضاعف فيه الحسنات.
-
دعم صحة القلب: النوم والاستيقاظ لصلاة التهجد يعمل على تصفية القلب والروح من الهموم، مما يؤدي إلى الشعور بالسكينة والطمأنينة.
-
رفع درجات العبد في الجنة: تُعد صلاة التهجد من الأسباب التي تقود العبد إلى درجات عالية في الجنة، فقد ورد في الحديث النبوي الشريف: “في الجنة غرفًا يُرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدها الله عز وجل لمن أطعم الطعام، وأفشى السلام، وصلى بالليل والناس نيام” (رواه الترمذي).
خاتمة
صلاة التهجد هي من السنن العظيمة التي ينبغي على المسلم الاهتمام بها، خاصة في شهر رمضان المبارك. ورغم أن عدد ركعاتها غير محدد، فإن الحرص على أداء هذه الصلاة ولو بعدد قليل من الركعات يمكن أن يكون له أجر عظيم، ويعتبر فرصة عظيمة للتقرب إلى الله تعالى.
